إلى من أتعبته المعاصي
الحمد لله رب العالمين نحمدك يا ربنا كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك فأنت الله فكل حي يموت وأنت حي لا تموت وكل شئ يتبدل وأنت لا تتبدل وكل أمر يتغير وأنت لا تتغير سبحانك ربي سبحانك قضيت على عبادك بالفناء على عبادك بالفناء وقضيت على نفسك بالبقاء أسالك ربى أن تجنبنا موارد الظالمين وان تجعلنا يا مولاي عند سكره الموت ووحشه القبر ووقفه الحساب من الآمنين وأشهد أن لا اله إلا الله الأول بلا ابتداء والآخر بلا انتهاء واشهد أن سيدنا وحبيبنا ومعلمنا ومخرجنا من الظلمات إلى النور محمدا اصطفاه الله رحمة للعالمين صلى الله عليك يا علم الهدي ...
نحيي فينا أنفسنا التي تلومنا على المعصية فنحن أصحاب قلوب مؤمنه أحرقتها المعصية ، وناداها نداء الفطرة السليم أن تعود إلى ربها وخالقها وأن تعود إلى رشدها وصلاحها . ؟ لو لم يرد الله إجابة دعائنا لما ألهمنا دعائنا له .. فما أفقرنا إلا ليغنينا ،، وما أماتنا إلا ليحيينا .. قال ابن القيم رحمه الله : إن في القلب وحشه لا يزيلها إلا الإقبال على الله والأنس به في خلوته ، وفيه حزن : لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته ، وفيه نيران حسرة: لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه و الصبر على ذلك إلى وقت لقاءه وفيه فاقة: لا يسدها إلا محبته ودوام ذكره والإخلاص له، ولو أعطى الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا .. أختي ألم يأتيك وقت شعرت فيه بالحزن دون سبب ، أو ألم دون سبب ، وبالغربة وسط الأهل، وبالوحشة بين الأصحاب، وبالملل وسط أسباب النعيم. كم نحن محتاجون لأن نكون قريبون من ربنا عز وجل ..
هذه الحياة حياة قصيرة لياليها تمضي سريعا ولذاتها تنقضي ، فليس فيها لذة كاملة بل جميع اللذات فيها نكد ، ابتلانا الله تعالى بها ليختبرنا من منا أحسن عملا ..
وما مثل الحياة الدنيا إلا كما قال تعالى : (( إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور )) .. كثرت الفتن في هذا الزمن صباح مساء تغرينا بمظهرها البراق وشكلها الجذاب ، فيدعونا الشيطان إلى السفور والعصيان والخروج عن أمر الله ورسوله ، باقتراف ما حرم الله بحجة البحث عن السعادة فهل هذا هو طريق السعادة ؟ رأينا الكثير من الشخصيات التي أبهرنا مظهرها وكأنهم رمز للسعادة في هذه الحياة ، لكن عندما علمنا حقيقة ما يعيشون فيه من ضيق ونكد ، لم نستغرب ذلك لأنه جل وعلا كلامه الحق : (( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ، ونحشره يوم القيامة أعمى )) مغنية ألهت العالم بغنائها ثم تموت منتحرة ، وممثلة كان الجميع يعتبرونها رمزا للسعادة ألقت بنفسها من عمارة جميعهم فقد الإيمان في قلبه .. جميع ملذات الدنيا وجميع المعاصي سجلها المَلَك عليهم ثم سيحاسبوا بها يوم القيامة ولن تنفعهم في قبورهم ، بل يتمنوا حسنة واحدة ولن يستطيعوا أن يرجعوا إلى الدنيا لحظة واحدة فالفرصة أعطيت لهم وانتهت..
كل منا يخطئ ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ))
فليس العيب في أن يذنب الإنسان لكن العيب في أن يصر على الذنب ويترك لنفسه العنان .
كم هو حريص ذلك الشيطان أن يغري ابن آدم ، ويلعب عليه بالحيل والخطوات الشيطانية فإذا ما بدأ الإنسان في إصلاح نفسه جاء الشيطان وقال له أنك إنسان منافق تظهر يوما الاستقامة ويوما أنت بوجه آخر .
وكثيرا ما يحدث هذا الأمر للكثير منا - إذا ما الحل يا شيطان ؟ يقول لك الحل هو أن تترك طريق الاستقامة ويصبح لك وجه واحد هو الوجه السيئ ... شكرا لك يا شيطان على هذه النصيحة .. لماذا لم يكن الحل المقترح هو الابتعاد عن المعاصي ؟ والانضمام إلى ركب الصالحين ؟ فلننتبه من لعب إبليس . إن طريق الجنة ملفوف بالمكاره لكن الله سبحانه تعهد لمن جاهد نفسه أن يعينه قال تعالى (( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)) ..والصبر له طعم وعاقبته حلوة المذاق ..ومن سلك الطريق سيصل إن شاء الله
ومن قال لك كن وسطا ، لا تكون ملتزم ، إن الوسط هو أن تعيش في ظل رحمة الرحمن حتى يصل الإنسان إلى جنة عرضها السماوات والأرض .. ففي يوم القيامة (( فريق في الجنة وفريق في السعير)) .. ليس هناك خيار آخر .. وأهل الاستقامة هم أسعد الناس ظاهراً وباطنا .
سؤال يهمنا جميعا كيف نصبر على المعاصي في ظل هذه الشهوات ؟ .... هناك معسكران :/
معسكر حلاوة الإيمان والخوف من الله ..... ومعسكر الهوى والشيطان فإذا أردنا نصر احدهم فإننا نقويه .
فعسكر الشيطان نضعفه بأي طريقة ممكنة ومن هذه الطرق ::
(1) إغلاق جميع الأبواب التي تقويه فيبتعد الإنسان عن الأماكن والمواضع التي تزيد من الفتنة عليه وهو أعلم بحاله
مثل القنوات أو بعض مواقع الانترنت أو غيرها من مصادر الشر كرفقاء ورفيقات السوء أو مجتمع السوء وأن يحاول أن يجاهد نفسه في ذلك .
(2) أن يفكر الإنسان في المفاسد التي تحدث نتيجة ما يفعله سواءً عاجلا أو آجلا .
ثم يبقى معسكر الدين وتقويته ومن أمثلة ذلك :
(1) أن يعظم الإنسان مهابة الله في قلبه فلا يجعل الله عز وجل أهون الناظرين إليه
(2) أن يتذكر المرء أنه محب لله عزوجل ومن يحب ربه لا يفعل ما يغضبه
(3) أن يتذكر الإنسان إحسان الله عليه فسبحانه أعطى الإنسان الصحة والعافية والمنظر الجميل والمال والثياب ثم يعصيه الإنسان بها ؟!
(4) أن يحذر الإنسان ويتقي مواضع السخط للرب عزوجل فيخاف من غضبه وانتقامه .
(5) أن يتذكر الإنسان أن ما سيفعله من المصيبة ستضعف وتنقص إيمانه
(6) أن يتذكر الإنسان لذة الانتصار على النفس والهوى والشيطان .
(7) أن يتذكر الإنسان ما سيعوضه الله من اللذة في قلبه قال تعالى ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا )
(
أن يتذكر الإنسان معية الله عزوجل فهو يراقبك في كل لحظة .
(9) الإنسان قد يأتيه الأجل في أي لحظة ، فهل سيرضى أن يأتيه ملك الموت وهو على هذه الحالة من المعصية ؟ وكم أخذ الموت من أحياء في ريعان شبابهم
(10) أن يدفع الإنسان الخواطر السيئة من فتح للقنوات أو بعض مواقع الانترنت أو الذهاب مع رفقة السوء ممن
يساعدونه على المعصية .
(11) أن يوجه الإنسان طاقته إلى ما ينفع من الأعمال الصالحة وفي كل مجال الكثير من البرامج التي قد يستفيد منها الإنسان أو يطور الإنسان نفسه في أي مجال .
(12) أن يتذكر الإنسان أن الدنيا زااائلة . فينبغي للإنسان أن يتزود من الطاعة لأن الآخرة دار لا تصلح للعصاة .
ثم اعلم أن طريق الاستقامة هو طريق السعادة في الدارين ، ومن جربه يدعوا ربه دوما أن يثبته لأنه عرف معنى الصفاء ، ومعنى القرب من الله عزوجل ، وأن يعيش حياة إيمانية يصبح ويمسي ولسانه يلهج بذكر الله ، والقلوب كلها تدعو له ، ويكتب الله محبته في قلوب الخلق ، ويبارك له في أمور حياته كلها في دراسته وزواجه ووظيفته وكل شؤونه . لأنه : من وجد الله فماذا فقد ؟ ومن فقد الله فماذا وجد ؟
ابدأ حياتك بذكر الله عزوجل وبدعائه ، واجعل لك ورد يومي من القرآن ففيه النور والهدى واحرص على تدبره، ولو شيئا بسيطا تطرد به الشيطان ، وتبارك به يومك ، وحافظ على الصلاة على وقتها بخشوع ، ثم اجعل بينك وبين أي طريق يوصلك للمعصية حواجز حتى لا تصل إليها ، حافظي على حجابك كما كنت ، لا تنظر إلى المتساقطين حولك ، كن أنت القدوة ، واحرص أن تبتعد قدر المستطاع عن أي مجتمع يضرك أكثر مما ينفعك ، فإن لم يكن إلا مجتمع السوء فكن أنت القدوة ولك أجر كل من رآك ، ولا عليك بكلامهم فأنت تريد إرضاء ربك وجنة عرضها السماوات والأرض ، ثم إذا دعاك الشيطان أو رفيق السوء إلى أي معصية قل بصوت عال :
لا وألف لا
هناك بعض المخيمات الصيفية فيها بعض الدعاة استفد منها ، وإن زلت بك القدم يوما ، فلا تيأس عد إلى
الطريق ، ولو تكرر ذلك كثيرا ، فارجع إلى الطريق فبالمجاهدة سيهديك ربنا للطريق ( والذين جاهدوا فينا لنهديهم سبلنا ) .
وأبشر بسعادة دائمة ، وتوفيق من الله عزوجل
وفقنا الله وإياكم في الدارين ورزقنا وإياكم حلاوة الإيمان ، وهدانا جميعا إلى صراطه المستقيم وثبتنا حتى
نلقاه ..