أملي يارب رضاك .
عدد المساهمات : 556 نقاط : 53481 تاريخ التسجيل : 02/04/2010 العمر : 34
| موضوع: أبواب تحفظ قلبك من الغفلة (2) الأحد أبريل 11, 2010 3:04 pm | |
|
أبواب تحفظ قلبك من الغفلة (2) تحدثنا في الباب السابق من أبواب حفظ القلب من الغفلة عن حفظ اللسان، أما اليوم وفي هذا الباب فإننا سنتحدث عن بابين أخريين وهما: باب البصر، وباب السمع.
الباب الثاني: البصر، ففرض البصر وزكاته هو الغض عن محارم الله تعالى، لأنه معلق بالقلب ، فمتى أعطي فرصة لدخول شيء من المحرمات والشهوات عليه كان القلب مستعدا في هذه الحالة لأمرين: إما أن يستقبلها ويرضى بها، أو أن يتركها ويبتعد عنها. قال صلى الله عليه واله وسلم: "النظر سهم من سهام إبليس، فمن تركه من خوف الله أتاه الله إيمانا يجد حلاوته في قلبه" رواه الحاكم في المستدرك". ومن خطورة هذا الباب أن إبليس يصور للإنسان ما ليس عنده بأحسن وأفضل صورة مما عنده. هكذا هو حال من ينظر إلى المحرمات، أو ينظر بعين الحسد فيما عند الناس، فلا يكتفي بما قُسم له، بل يريد المزيد ويتمنى زوال النعمة عن غيره، فلو سألنا لماذا كل ذلك؟ لكان الجواب أن البصر أصدر إشعاعات خبيثة إلى القلب، والتي مصدرها أصلا من القلب الفاسد، والعكس صحيح، فإن القلب الصالح، العامر بذكر الله تعالى، لا يرضى أن تخرج من هذه العين مثل هذه الإشعاعات، أتعرفون لماذا؟؟! لأنه لم يألفها، ولم يعتد عليها. زنت إحدى أميرات العرب في الجاهلية بعبدها، برغم أنها كانت مشهورة بعقلها وذكائها وفصاحتها، فسئلت عن ذلك وهي سيدة قومها، فقالت: قرب الوِساد، وطول السواد، والمعنى من ذلك كثرة مخالطتها له ونومها في مكان بالقرب منه، فكثرة المخالطة تؤدي برمي سهام النظرات نظرة تلو الأخرى، مما يؤدي للاعتياد على مثل هذه الأمور، ولم يكن قول الشاعر عبثا حين قال: نظرة، فابتسامة، فموعد، فلقاء… فجل الفتن والفواحش تبدأ بأمر بسيط جدا، ألا وهو النظر، ويكفينا حديث الرسول صلى الله عليه واله حين قال: يا علي، لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة. أما الباب الثالث: فهو السمع الذي يعد كموظف المخزن، الذي يستقبل البضائع، فما له علاقة به يأخذه ويضعه في مكانه داخل المخزن، وأما ما ليس له فانه يتركه ولا يأخذه. وفرض هذا الباب تابع للكلام والنظر، فكل ما لا يحل لك الكلام فيه، ولا النظر إليه، لا يحل لك استماعه ولا التلذذ فيه. ويذكر المحاسبي رحمه الله عبارة جميلة تقول: "وليس من جارحة أشد ضررا على العبد –بعد لسانه- من سمعه، لأنه أسرع رسولٍ إلى القلب، وأقرب وقوعاً في الفتنة. روى أبو داوود في سننه عن نافع أنه قال: "سمع ابن عمر مزماراً، قال: فوضع أصبعيه على أذنيه، ونأى عن الطريق، وقال لي: يا نافع هل تسمع شيئاً؟ قال: فقلت: لا! قال: فرفع أصبعيه من أذنيه، وقال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع مثل هذا! فصنع مثل هذا" (حديث صحيح، صحيح أبي داوود 4116). و علق على هذا الحديث الإمام القرطبي قائلاً: "قال علماؤنا: إذا كان هذا فعلهم في حق صوت لا يخرج عن الاعتدال، فكيف بغناء أهل هذا الزمان وزمرهم؟!" (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي). لذا إخوتي بالله، تعالوا بنا نتنبه لهذين البابين حتى لا يدخل منهما إلى أعماقنا إلا ما يرضي الله سبحانه وتعالى، وأن نسأله العفو والعافية، والقبول والثواب بكرمه جل في علاه.
| |
|