محبة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
محبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الْحَمْدُ لِلَّهِ الذِي مَنَّ علَى المؤمنينَ بسيدِ الأولينَ والآخرينَ، وأشهدُ أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، الملِكُ الحقُّ المبينُ
وأشهدُ أنَّ سيِّدَنَا ونبينَا محمداً عبدُهُ ورسولُهُ القائلُ :« إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ » أرسلَهُ بالهدَى والنُّورِ، والخيرِ والرَّحمةِ، اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ على حامل لواء العز في بني لؤي، صاحب الطود المنيف في بني عبد مناف بن قصي، صاحب الغرة والتحجيل المؤيد بجبريل المذكور في التوراة والإنجيل، وعلَى آلِهِ الأطهار سفينةالنجاة وصحبِهِ الأخيار نجوم الهداية، ومنْ تبعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ .أيها السادة الأعزاء:روى الحاكم رحمه الله أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله أخبرنا عن نفسك، فقال صلى الله عليه وسلم أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى أخي عيسى، ورأت أمي حين حملت بي كأنه خرج منها نور"عباد الله:إن محبة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - واجبة على كل من يقول "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، ولا يوجد شخص يؤمن بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد - صلى الله عليه وآله وسلم - نبياً؛ وهو لا يحب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، بل إنه يجب أن نقدّم محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - على محبة الوالد، والولد، والناس أجمعين كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولده والناس أجمعين))رواه البخاري ومسلم ، "فمحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - من أصول الإيمان، وهيتابعة لمحبة الله - عز وجل -، بل لقد توعد الله من قدم هذه المحبوبات على محبة الله ورسوله وجهاد في سبيله في آية عظيمة فقال - سبحانه -: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِه وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ}، ثم فسقهم بتمام الآية فقال: {وَاللّهُ لاَ يَهْدِيالْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}(سورة التوبة أية 24)، ولما أراد عمر - رضي الله عنه - أن يعبر عن حبه له - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَإِنَّهُ الْآنَ وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْآنَ يَاعُمَرُ)) "أي الآن عرفتَ فنطقت بما يجب"(فتح الباري تعليق ابن باز) يا عمر، كما يقول ابن حجر.ولقد علمنا ربنا موقع نبينا منا فقال عز شأنه " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم" فهو اقرب إلى قولبنا من قلوبنا، وأحب إلى نفوسنا من نفوسنا. سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ثلاث سنوات في شعب أبي طالب يأكل أوراق الشجر من أجل أن يوصل الدين لنا . توالت عليه المصائب وتوالت عليه المحن وربه يقول له :"فصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل" يبث أشجانه وأحزانه إلى زوجته يقول يا عائشة "لقد لقيت من قومك ما لقيت" رواه البخاري. صبر على كمد الحياة،يقول عن نفسه لقد أوذيت في الله ولم يؤذ احد وأخفت في الله وما يخاف أحد" رواهأحمد أعظم من أوذي في هذه الحياة الدنيا هو نبينا صلى الله عليه وسلموبهذا يُعلم أنه يجب "تقديم محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - على النفوس، والأولاد، والأقارب، والأهلين، والأموال، والمساكن، وغير ذلك مما يحبه الناس غاية المحبة، وإنما تتم هذه المحبة بالطاعة، والخضوع للأوامر والنواهي الشرعية كما قال - تعالى -: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ}.أيها المسلمون: أن محبة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - واجبة على كل مسلم صغيراً كان أم كبيراً، ذكراً كان أو أنثى، وأنها مقدَّمة على كل محبوباتنا الدنيوية، فارجعوا أيها المسلمون إلى دينكم، وعضوا على سنة نبيكم بالنواجذ، واعلموا أن العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم، ولا تنظروا لمن هلك كيف هلك، ولكن انظروا لمن نجا كيف نجا.فلنتأَسَّ به صلى الله عليه وسلم فِي الرحمةِ والعدلِ، ونشْرِ الأمْنِ والسلامِ بينَ الناسِ أجمعينَ، وبِهذَا نكونُ أتباعاً صادقينَ لِمَنْ أرسلَهُ اللهُ رحمةً للعالمينَ، قالَ تعالَى :( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).ألا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على سيد البشر، المصطفى الأغر، الشافع المشفع في المحشر، فقد ندبكم لذلك المولى تبارك وتعالى وأمر، في أفضل القيل وأصدق الخبر، ومحكم الآيات والسور، فقال سبحانه قولاً كريماً:إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمااللهم ارزقنا محبته وإتباعه ظاهرا وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اجمعنا به في جنات النعيم .